في مكان ما وفي وقت ما شاء القدر أن تحلق حمامة بيضاء باأجنحة تحمل الشي الكثير حلقت من ارض مقدسة عرج فيها خير خلق الله وخير مرسل أرسله الله إلى البشرية جمعاء ,وهب الناس الحياة بأمر من الله بأفضل صورها وباختلاف الأجناس والديانات والأماكن , هذه الأرض التي نشأت عليها أجيال من البطولة والصمود والتضحيات من اجل حقهم المشهود الذي لايختلف عليه اثنين ويجابهون عدو الله الذي سلب حقهم, فاغتصبوا الأرض المقدسة وفعلوا مافلعوا بها ولكن خابوا وخسئوا فلن تطال أيديهم أكثر من ذالك طالما هناك أناس يحملون روح التضحية والدفاع عن الحق المقدس ويقاتلون بأنفسهم ودمائهم وبالحجارة التي أصبحت السلاح القوي والرسالة العظيمة الموجهة إلى العدو .
والكلام كثير عن تلك الأرض الطاهرة.
وشاء القدر أن تصل الحمامة البيضاء إلى ارض العراق بليلة هي خير من ألف شهر تنزل فيها كتاب كريم وحجتنا إلى يوم القيامة ومعجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القران الكريم .وبااجنحة الحنين ودفق المشاعر ووفاء وصدق حلقت الحمامة فوق سماء العراق الجريح , منشأ الحضارة وعاصمة الإسلام ومنبع العلم والمعرفة والفكر والثقافة والتي فتحت أبوابها أمام العالم اجمع لكي يتغذوا بعلومها ومعرفتها ,فدبت عيون الحقد والاستغلال عيون أعدائها فمسحوا هويتها فاحتلوها أيضا وفعلوا مافعلوا بها أيضا..
وهاهي الحمامة البيضاء صوبت عيونها ومدت جناحيها نحو عش كبير مليء بالحب والحنان والعطف والتواضع والحكمة والمرونة والفكر العميق , وبهدوء وسكينة حطت الحمامة البيضاء لكي ترى سر هذا العش الكبير ,
فقدمت نفسها وهي سائلة :-
أيها العش وانأ محلقة هاجني استعبار لكي اعرف مالذي جعلك بهيئة عيدان مهمشة ومفرطة بفسحته الكبيرة التي لو ضمت قلوب الناس لاحتواها فما قصتك أيها العش الحنون؟؟؟!!!!!
اهتزت العيدان وانتفض العش بكامله لسبب انه شعر بانتظاره لفترة طويلة لطير ما يحلق فوقه ويكون ضيف حنون لهذا العش ,وأيضا لنبش السر الرهيب الذي يحمله هذا العش .
وقبل أن يجيب الحمامة تساءل العش في نفسه فقال:-
هل الطيور التي تحلق ذهابا وإيابا وترى كثير من الأماكن التي لابد في يوم من الأيام أن تسكن إلى احد العشش وتستقر سوى أن ترى ضعف عيدانها وتفرقها عن بعضها وركودها في مكان يعج بأشياء مفترسة هو الذي يجعلهم يبتعدون عني ؟؟؟؟؟؟
أو فقط أن يحاولوا بعض الشيء لرؤيتي عن قرب ويقرروا في حينها أأستحق كل هذا الظلم وكل هذا الإبعاد ؟
أم الأرواح التي تسكن الجسد لاتقدر وترى بأعين عمياء فلا تمعن في النضر ولا تنقب بين الحجر وترى بداخلها روح قد طمها المطر .
وبعد هذا الشعور الذي انتاب العش في لحظة قرر أن يجيب الحمامة البيضاء على سؤلها قائلا:-
إن كنتي تسألين عن قصتي فإليكِ أيتها الحمامة .......
كنت في ما مضى شجرة شامخة اثبت في ارض عن طريقها سقتني أروع الأفكار والأشجان والمعرفة وغذتني من صورها كل لحن ينشد , وكل عبارة تكتب , وكل صورة ترسم , فأتت ثمارها بأغصان تدفق منها التواضع , وتدفق منها السهولة , وتدفق منها الحنان , و وتدفق منها العطف , وتدفق منها البسمة في وجه الأخر , وتدفق منها ريح طيب تعج بالسلام والأمن والملاذ الطيب الموقر , وتدفق منها الأفكار التي إن هبت بريح ما لامست وأطربت برفق وقبول ,
حتى أصبحت الظل الذي يشع ظلاله إلى الروح التي تجلس وتستأنس بذاك الظل ,, لااقول أنا الشجرة الوحيدة التي تثمر ولكن عندما يقرب منها إنسان يعرف أو يتذوق ثمارها .
إلى أن حانت اللحظة التي هبت بها الرياح العاتية المحملة بالغضب العارم وصوتها المرعب الذي ينشد أغنية الرعب التي قدمت بها فأجتاحت أوراقي فخطفتها ومزقتها وكسرت أغصاني وتهشمت وبذلك الطمتني هذه الريح وفقدت كل شي وهبتني الحياة إياه ولم يبقى سوى عيدان ضعيفة تشتكي حالها وهي تتنقل من هنا وهناك بفعل الريح التي بدأت وكأنها تحركها كيفما شاءت .
فتسارعت الأحداث وكثرت الأسباب وتعدت الأحوال وتقدمت الأيام والأزمان فتغير كل شي , تغيرت الأفكار وتهشمت الأحلام وتضائل النور الذي يبصر إلى درب الأمان .
فمنذ ذاك الحين العيدان تبحث عن جسدها الذي تهدم إلى أن جاءت ريح أخرى هبت من جديد لكي تحمل العيدان من واقع الأمل إلى واقع الحيرة والتردد لما يجري لها من أساليب غامضة تجتاحها في أي وقت ولم يعرف مالتفسير لها لحد ألان .
وهكذا استسلمت العيدان ولملمت جراحها وهمومها فكونت العش الذي كان السؤال بصدده.
وفي لحظة الكلام بين الحمامة والعش صدر صوت ريح قدمت من بعيد فقطع الكلام بينهما فخشى العش أن ينتقل الريح به من جديد إلى ارض أخرى ومعاناة اخرى وتهرب أيضا الحمامة البيضاء من قوة الريح فأسرع العش بان يسال الحمامة سؤالا فقال:-
أيتها الحمامة قبل أن تفرقنا الريح أحب أن اعرف ماسر تحليقكِ من الأرض التي كنتِ فيها وحلقتي فوق سمائي ؟
ليتكِ لم تحطي بجانبي فانا لم اعد احتمل اي عابر سبيل مثلكِ !!!
فيا ترى من سيجمع عيدانك ايها العش من جديد والى الابد ؟؟!!!